تحليل: خديجة الشرفي
بعد عامين من الدم والنار، يعود الحديث مجددًا عن وقفٍ وشيكٍ للحرب على غزة. فالمفاوضات التي تتنقّل بين القاهرة والدوحة وواشنطن تحاول هذه المرة أن تضع نهاية لدائرة العنف التي التهمت البشر والحجر.
لكن السؤال الأهم يبقى مطروحًا:
هل سيتحوّل “وقف النار” إلى سلامٍ حقيقي؟ أم أنه مجرد هدنة جديدة في حربٍ بلا نهاية؟
المشهد الميداني: توازن هش بين القوة والصمود
من الناحية الميدانية، وصلت إسرائيل إلى سقف القوة العسكرية دون تحقيق الأهداف التي أعلنتها، فلا “القضاء على حماس” تحقق، ولا “إعادة الأسرى” تمّت كما خُطط لها.
في المقابل، أظهرت المقاومة الفلسطينية قدرة لافتة على الصمود والتكيّف رغم الحصار الطويل والنزيف المستمر.
هذا التوازن الهش بين الإخفاق العسكري والصلابة الميدانية جعل الأطراف كلها تبحث عن مخرجٍ سياسي يحفظ ماء الوجه.
المسار السياسي: مفاوضات معقّدة وضغوط متزايدة
على الطاولة السياسية، تتشابك المصالح وتتصاعد الضغوط.
الولايات المتحدة تمارس ضغطًا واضحًا على الحكومة الإسرائيلية لإيقاف الحرب التي باتت تُرهقها داخليًا ودبلوماسيًا، خصوصًا مع تنامي الغضب الشعبي في العالم.
وفي المقابل، تواصل مصر وقطر محاولاتهما لتحقيق اختراقٍ عبر اتفاق شامل يتضمن وقف النار، وتبادل الأسرى، وإعادة الإعمار.
غير أن سؤال "من يحكم غزة بعد الحرب" لا يزال العقبة الأبرز أمام أي اتفاق نهائي
التحدي الأكبر: بين الهدنة والسلام
ورغم أن إعلان وقف الحرب سيُعدّ انتصارًا إنسانيًا مؤقتًا، إلا أن غياب رؤية سياسية حقيقية يجعلها هدنة هشّة قابلة للانفجار من جديد.
فغزة ليست مجرد ملف أمني أو تفاوضي، بل قضية سياسية وإنسانية ممتدة، تحتاج إلى حل جذري يعترف بالحقوق الفلسطينية ويضع حدًّا للاحتلال، لا مجرد اتفاقات تُجدَّد كل بضع سنوات.
اليوم، يقف العالم أمام لحظة اختبار حقيقية:
هل سيتحوّل صوت السياسة إلى بديلٍ عن صوت السلاح؟
أم أننا على موعدٍ مع جولة جديدة من الألم تحت عنوانٍ جديد؟
ورأي الشخصي
قد تنتهي الحربُ بتوقيع اتفاق، لكن السلام الحقيقي لا يُوقَّع على الورق.
السلام يولد عندما تتوقف الكراهية، ويُعاد للإنسان في غزة حقه في الحياة والكرامة.
كل هدنة بلا عدالة، ليست سوى استراحة قصيرة بين حربين.